الاثنين، 25 يوليو 2022

{ أرجوحة القمر }علاء الغريب / كاتب صحفي

 { أرجوحة القمر }


ما زلت أتذكر أحلام طفولتي
كنت أعتقد أن باستطاعتي
أن أقطف القمر بيدي
عندما ترتفع بي
نحو السماء أرجوحتي
وإن الشمس ثمرة برتقال
تدحرجت ذات مساء
لتغوص في البحر
من غصن شجرة ليمونتي
وإن الريح تسكن مدخنة مدفأتي
والأشرعة تبحر بنفخة نفسها السليط
ومسبح استحمامي أكبر من المحيط
الذي سرق لون وجهه
من عيني أثناء غفوتي
وإن أمواجه العاتية
لا تصل حدّ خاصرتي

...2
كنت أحلم
أن أمتطي صهوة الريح
في بداية مسيرتي
لأسابق نحيم خيل أحلامي
نحو عالمي الفسيح
وإن باستطاعتي
أن أجمع كحل ليلي
لأملأ به محبرتي
وأقطف من حقول السماء
سحاباتها لتكون قطنًا لوسادتي
كنت أحلم بأن رجل القنطور
بعد أن تنزع عن عينيه
يد الليل منديله
يضئ قنديله
ويميله
نحو نافذتي
لأسهر ونوره
مع همسات حروف مكتبتي

...3
كنت .. وكنت
حتى كبرت
وأضعت طفولتي
وحضوري وغيابي
بين أحلام ربيع شبابي
وكبرياء فصول رجولتي
أخذتني الحياة في مسارها
جمعت في حقيبة ترحالي
دفاتر أحلامي ومشيت في رحلتي

...4
ركبت قطار الأمل
بعد أن رمت الرياح
بوجهي طلاسم أقدارها
وبدأت أوراق أحلامي
كالهلام
تتطاير وتتلاشى في مشوارها
بعد أن تخلت عنها قصور مخيلتي
وبعد فترة
اخضرَّت
واصفرَّت
وألف لفَّة .... لفَّت ودارت
لتطمس أثري
ثم ارتفعت كالنسر
نحو السماء
دون عناء
ثم تهاوت
وسقطت في هاوية محرقتي

....5
لعِبت معي
ولعبتُ معها جميع أدوارها
تارةً تغريني بشهدها
فأغب من نهدها
وطورًا تفتنني بجمال عطر خدها
فأتنهدها
وتارةً آخرى تقذفني بعنادها
فأكون لها سندبادها
المبحر وسط أمواجها العاتية
ثم تأتيني بوجه غاوية
وفي يوم آخر ترفعني لسفوح عالية
ثم تجئ بوجه ساحرة داهية
تحاصرني
تعصرني بين أصدافها
فتصرخ في داخلي الجروح
ثم تأتيني مخادعة مداويه
تخنقني في حبال غربة الروح
يوم تفرح ويوم تنوح
وتحشرني في زاوية
وتدق في نعشي مسمارها
لتعلن انتصارها
بعد أن تهزمني بشلِّ مقدرتي

...6
هكذا هي مسيرة الحياة
تختارنا ولا نختارها
تكبلنا في غياهب أقدارنا
تحتفظ بدفاتر أسرارنا
تحدد خطوط مسارنا
وتمشي بنا الى اللامحدود
تتكوَّر على صدرنا كصخر جلمود
أو زهرة ندية يانعة متوردة
ينادينا جمالها لنقطفها
تلاطفنا ونلاطفها
إلى أن ينفذ ضوعها داخل الأوردة
فيكون قاتلنا وقاتلها عطرها
وروعة ألوانها المخادعة
فما أصداء سنين الحياة بنظرتي
سوى ذئاب عاوية
وأحلام بالية
وآمال خاوية
وبهذا لم تعد أحجيتها تحيرني
فكل ما أرجوه من الله
هو حسن خاتمتي

علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق