الجمعة، 23 ديسمبر 2022

رحلة قصيرة... الشاعرة : مليكة هالي

 رحلة قصيرة...

مليكة هالي
اختفى القمر خلف الغيوم، كانت تمطر بغزارة، وجدت نفسي بمحطة تعج بالمسافرين.
اختلطت بداخلي مشاعر الفرح و الخوف؛ كنت فرحة بإنجازات أسود الأطلس المغاربة، و كنت خائفة من المجهول.
امتطيت سيارة أجرة صغيرة، متوجهة نحو السلام، و كنت شاردة التفكير، حيث كانت تراودني تصورات تكسر إحساسي بالفرح، كم حاولت إبعادها !لكنها ظلت تزدحم مع تخيلاتي المضببة.
حدثت نفسي دون مبالاة بما يجول من أحداث في الطريق، قائلة:
- كيف أخترق تموجات الزمان، قصد تجاوز جزء من سلبياته ؟فقد ضاقت بي السبل، في هذا المكان أشبه شمعة يحترق فتيلها، حولها تكدست الدموع، فمن جوف الزحام تنبعث وحدتي، و ما معنى إحساسي الخانق بالوحدة ؟
من عمق قلبي النابض بالرغبة في وصال في الحياة، و الغوص في قلوب الآخرين، قصد نيل المحبة، انبثق رد سريع، خاطب وجداني، قائلا:
- وحدي معناه؛ كوني في خلوة، أحدث نفسي، حين ينسحب بعض الأشخاص عن عالمي، أبكي، أبتسم، ثم أضحك، أكون من الداخل أغلي, أرسم لكل واحد في مخيلتي وجها شاحبا، عبوسا، لا أستسيغ أخلاقه، و أحترم اختياره، أبعده و أخاله يبكي، يشتم حقيقته، يحاول الفرار من نفسه، حين يدرك تماديه في ظلم الآخرين.
فجأة !سمعت صوتا نسويا صارخا و أحسست بعجلات السيارة ترجعني إلى الوراء، ثم توقفت، التفتت نحو اليمين ثم نحو اليسار، لم أر سوى أضواء منبعثة من سيارات و أخرى من جوانب الشارع، لم أعرف ما جرى و ما يجري، و لم أحس بالفزع حين سمعت السائق يقول:
- ليس خطئي، كاد أن يدوس سيارتي
ردت عليه امرأة كانت جالسة بجانبه:
- نجونا من حادثة سير كادت أن تؤدي بحياتنا،
ثم أردفت قائلة، مخاطبة السائق:
- وجدك رجلا، لو كانت في مكانك امرأة لما صمطت له
ظلت هذه الكلمات الأخيرة تتردد على مسامعي خلال مراحل الرحلة كلها، و لم أميز بالضبط فحواها أكانت تقصد شهامة الرجل في تسامحه ؟ أم شيئا آخر يقلل من شأن رجولته ؟
بالنسبة لي تجلت شهامته في التحكم في السياقة و كان محترفا و نجونا، حيث انتصرت الحياة عن الموت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق