في هذهِ اللحظة (محمد رشاد محمود)
في هذه اللحظة شموسٌ تُشرِقُ وشموسٌ تبوخ .
وفي هذهِ اللحظةِ وليدٌ يصرخُ بين باسم ٍ ومُهَلِّلٍ ، وشيخٌ يُحَشرِجُ بينَ باكٍ ومُستعبِر .
وفي هذهِ اللحظة كلابٌ يُطعِمُها أصحابُها اللحمَ ، ومُترَبٌ يوَدُّ لو أُحِلَّ لهُ التهامُ الكِلاب .
وفي هذهِ اللحظةِ غنِيٌّ يَجرَعُ كأسَ النَّشوةِ ، وفقيرٌ يَشْتَفُّ كأسَ المَرارَة .
في هذهِ اللحظةِ أُممٌ تنهَضُ ودُوَلٌ تكبو ، وحضارةٌ تبزغُ وأُخرَى تغربُ .
في هذهِ اللحظة قبر يُشَقُّ وقَصر يُشيَّدُ
وعلم يُرفَعُ وراية تُمَرَّغُ .
وفي هذهِ اللحظةِ شهيدٌ يَحيا وقاتلٌ يموتُ .
وفي هذه اللحظةِ عروسٌ تبسَمُ وأرمَلٌ تُوَلوِلُ ..وغادةٌ تُزَفُّ إلى حِبِّها وأخرى تُزَفُّ إلى لحدِها .
في هذهِ اللحظةِ دِماءٌ تُورِّدُ خَدَّ الغواني ، ودماءٌ تُضَرِّجُ هامَ القتلَى ..
في هذه اللحظة دموعٌ ترقصُ ودموعٌ ترتَجِف ..
وشِفاه تُغَرِّدُ ، وشِفاه تنوحُ..
وبَسمَةٌ تَبكِي ، وعَبرَةٌ تبتسِمُ..
وفي هذهِ اللحظةِ عيونٌ تُغازلُ وجفونٌ تضطَرِب .
وفي هذهِ اللحظة آمالٌ تَصدقُ وأمانٍ تخيبُ.
وفي هذهِ اللحظة عَزَبٌ يُودِّعُ سآمة الوَحدَةِ ،
وبعلٌ يفارِقُ غِبْطَةَ الأُنس .
في هذه اللحظة مباسمُ ترقُدُ لنجوَى القُبَلِ ، وألسُنٌ تنهجُ لرَشْقِ السَّباب.
وفي هذه اللحظةِ صدورٌ تنفَسحُ معَ الكَربِ ، وجَناجِنُ تضيقُ مع الرَّغدِ .
في هذه اللحظة عزيز يُذَلُّ ، وذليلٌ يعزُّ ..
وعِطرٌ يأرَجُ ، وكِرْسٌ يُزكِمُ ..
ووهدَةٌ تَعلو، وشاهِِقٌ يندَكُّ..
وفي هذهِ اللحظةِ مَوجٌ يطغَى ولُجَّةٌ تنحَسِر ..
ومَدافعُ تُطلَقُ ، ونِمالٌ تَدبُّ..
ومبانٍ تُرفَعُ ، ومُدُنٌ تُهدَمُ ..
ومَليكٌ يُتَوَّجُ ، وعاهِلٌ يُخلَع
وهَزارٌ يُحَلِّقُ وصَقرٌ يؤسَرُ .
في هذهِ اللحظةِ مُقَلٌ تهمسُ ، ومُقَلٌ تزمجِرُ ..
وجسومٌ تُشَلُّ وقدودٌ تَميسُ ..
في هذهِ اللحظةِ كئوسٌ تقرَعُ ، ومرارةٌ تُجرَعُ ..
وخصورٌ تُعربِدُ ، وأجسادٌ تستغيثُ .
في هذه اللحظةِ مومِس تتوبُ ، وحُرَّةٌ تُغوَى ..
وخفراءُ تُرمَى ، وفاجرَةٌ تُثابُ .
في هذه اللحظةِ سِحْنَة تَصفَرُّ ، ووجهٌ يتورَّدُ ..
ومسلولٌ يلهثُ، ومُعافًى يُقهقِهُ.
في هذه اللحظةِ حبيبٌ يُضَمُّ وخصمٌ يُركَل ..
في هذهِ اللحظة مياهٌ تَجمُدُ ، وثلوجٌ تذوب ..
في هذه اللحظة بخارٌ يَنشُدُ قلبَ السَّحابِ، وسحابٌ يقصِدُ صَدرََالبحر .
وفي هذهِ اللحظة سَكينة تكدَّر ، وغُمة تَنقشِعُ..
وفي هذه اللحظةِ فروع تذوي ، وبراعِمُ تُنبِتُ، وشَذَب يسقُطُ، وجِذع يولَّدُ ..
وسُدُم تخفَى ، وكهارِبُ تتشظَّى .
في هذه اللحظةِ حُرٌّ يَساقُ إلى الغلِّ ومسجونٌ يُقادُ إلى الحُريَّة..
في هذه اللحظةِ ، ومن لي بعلمِ هذهِ اللحظة ؟!
لحظةٌ هي في مجلَى الحِسِّ ، وهيَ ما هيَ آزال وآباد في ضَميرِالكَون.
(محمد رشاد محمود)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق