أمُّ الكتابِ
قناعةُ النّفس أغْنتني عن الطّلبِ
وصحْوةُ القلبِ قادتْني إلى الكُتبِ
أبيتُ ليلي أجوبُ الكوْنَ مُكْتشِفاً
سِحْر الكواكبِ والأقمارِ والشهُبِ
فاسْتقْبلتْني طُيورٌ في مَناقرِها
شدوٌ سَقـى هَوَسَ الأفْكارِ بالعنبِ
همّتْ تُغنّي فكانتْ نبأةً وصَدىً
صحَتْ لِوقْعهِما صنّاجةُ الطّربِ
أوْحى لها القلبُ أنّي منْ أحِبّتها
وأنّنا في الهوى أهلٌ بلا نسبِ
فقرّبوني من الأنوارِ وابتسموا
والشّـمسُ غائبةٌ ليلاً ولمْ تَغبِ
وقبّلوني فأحْيوْا روحَ ذاكرتي
بنظمِ شعرٍ أعادَ الرّوح للأدبِ
إنْ يأْتِ منْ رَحِم الإبْداعِ مُبتكِرٌ
فالمُلهمونَ أناروا الكوْنَ بالكُتبِ
أبقوْا ثُراثَ بني الإسلامِ مُكتمِلاً
أحْيا الهُدى بعُطورِ الذّكْر في الحِقـبِ
والعلمُ في سُوَرِ الرّحمانِ متّسِعٌ
يَقودنا صَوْبهُ صبحٌ من الذّهبِ
نورٌ تناثرَ فوق الأرضِ فانقشعتْ
بالمُعْجزاتِ غيــومُ الجهْلِ والرّيبِ
جَرى به الضّادُ فاسْتجْلى بأحْرُفِهِ
مَجْداً عَريقاً بِخُبْثِ المسْخِ لمْ يُصَبِ
وروعةُ النّظمِ قدْ فاحَتْ مَصادرُها
كأنّها الرّوضُ في أثوابهِ الـــقُشبِ
أمّ الكتابِ تــعالتْ أنْ يُحيــطَ بها
بوْحٌ منَ الشّــعْرِ أوْ نثْرٌ منَ الأدبِ
لوْ يعْلمِ النّاسُ كمْ منْ أمّةٍ رحلتْ
كانت تحذّرها العدوى ولمْ تَتُبِ
إنّ الشّعوب إذا ما الجهْلُ أقْعدَها
ضاعتْ ولوْ مًــلكتْ أرْضاً من الذّهبِ
فانظرْ إلى الأممِ الأُخْرى وما صَنعتْ
بالعلمِ في خِدمةِ الإنسانِ عنْ كَثبِ
في كلّ مملكة منها ومُجتمعٍ
ناعورةُ الخلقِ لا تشْكو من التّعبِ
توزّعتْ سُننُ الإبداعِ بينَهُمُ
فأبْدَعوا نهْضـةً منْ روضةِ العَربِِ
واغرورقتْ بدموع البؤْسِ أعْيُنُنا
من بعدما ظهرَ البرهانُ في الخُطبِ
هيهات ينفعُنا التّزويرُ في زمن
به الحضـارةُ منْ أمٍّ بَرّةٍ وأبِ
إن ظلّ خلف شعوب العصْر مَوْطنُنا
فنحنُ قومٌ من الأوْباشِ والـحَطبِ
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق