عداوه
قامت العداوة بين الأخيين عندما سيطر الأخ الأكبر على الإرث بعد وفاة الأب و طمع بأن يحرم شقيقه الأصغر من حقه في ميراث أبيه هنا تبدأ القصة من طمع خير الدين و الإستلاء على حصة أخيه سعد و أمه الأرملة ٠
بالدهاء و الحيلة أقنع خير الدين والدته بأن تكتب له وكالة عامة بحصتها و حصة أخيه لإدارة شؤون الأملاك التي تركها الأب بعد وفاته ، عند كاتب بالعدل و وثقها بالدوائر المختصة ،
قائلا" لها أنه سيدير الأملاك التي تضم معملا" للغزل و النسيج و الأراضي الزراعية الواسعة مع بستان مشجر بجميع أنواع الأشجار المثمرة بالفاكهه و ما سواها ، و يعمل على إدارتها و تطويرها ٠
طوت الأيام و مضى من الزمن خمسة أعوام ، و خير الدين يزداد ثراءه و نفوذه و جبروته ،
و لا تسأله والدته عما يفعله بإدارة الأملاك لثقتها به حيث كان يطلعها بين الحين و الآخر على ظروف المعمل و الأراضي الزراعية و يعطيها لها و لأخيه ما قسم من الدخل و الإيرادات ٠
بقي الحال على ما هو عليه و خير الدين هو الآمر الناهي بكل الأرزاق
جلست الأم مع ولديها خير الدين و سعد ، في مساء يوم ربيعي هادئ تتخلله نسيمات هوائيه نقية منعشة ٠
و قالت لهما متحدثه :
ما رأيكما أن أزوجكما و أفرح بكما معا" بعرس واحد أنكم بلغتم مبلغ الرجال فأنت يا خير الدين تجاوزت الثلاثين عاما" و عمرك يا سعد خمس وعشرون عاما ،
فأحب أن أرى أحفادي إذا كتب الله لي عمر ٠
أريد أن أعرف رأيكما بالزواج الآن ؟
قال خير الدين إذا أنت تصرين على ذلك لامانع عندي
قالت الأم و أنت يا سعد ماهو رأيك ٠
قال سعد : كما تريدين يا أمي إذا كان هذا الشيء يفرحك فلك ذلك لا مانع عندي ٠
قالت : على بركة الله
في صباح الغد سأقوم بجولة على الأقرباء و المعارف و الجيران ، عسى الله يوفقني بقصدي هذا ٠
لم توفر جهدا" الأم في زيارة الجيران و الأقارب الأصدقاء للبحث عن عروسين لإبنيها ٠
ذهبا خير الدين و سعد إلى عملهما صباحا"٠
بينما كانت الأم تقوم بأعمال المنزل اليوميه ، و عند الظهيرة كانت أم خير الدين مستلقية على الأريكة ،
و إذ بجرس الباب يرن بشكل متقطع ، نهضت و إتجهت نحو الباب و هي تقول أيوا أيوا لحظة ،
فتحت الباب فوجدت إمرأة لا تتجاوز الخمسين عاما" حسنة المظهر يبدو عليها الثراء و بجانبها فتاتين جميلتين ملامحهما متشابهه بلون بشرة بيضاء و شعر بعتم الليل طويل و بنفس العمر ، و لباسهما موحد ٠
قالت أم خير الدين : أهلا" و سهلا" تفضلوا بالدخول
دخلو الضيوف إلى غرفة الإستقبال ، و معهم حقائبهم ، وضعوها جانب الباب و جلسوا جميعا" ٠
بعد أن رحبت بهم أم خير الدين ، ذهبت إلى المطبخ و أحضرت لهم عصيرا" باردا" من شراب التوت البري ٠
أخذ الضيوف قسطا" من الراحة و شربوا الشراب تحدثت أم البنات قائلة : لعلك لم تعرفينا بعد ؟
قالت أم خير الدين : أهلا و سهلا" بضيوف الرحمن قدمتم أهلا" و حللتم سهلا" شرفتموني ٠
بادرت الضيفة قائلة أنا هدى زوجة أخيك رسلان ،
و هاتين الصبيتين بناته فرح و مرح هما توأمان ،
و لدينا رياض أخيهما الأكبر بقي في بلاد المهجر يدير أملاك أبيه بعد وفاته بأزمة قلبية منذ شهرين ٠
تذكرت أم خير الدين أخيها رسلان عندما سافر إلى فنزويلا منذ أربعين عاما و كان شابا" يافعا" ،
سالت الدمعة على خديها ، قائلة سامحك الله يا أخي إنقطعت أخبارك عنا منذ زمن طويل ،
مسحت الدمع بكفيها و قالت مبتسمة أهلا وسهلا بكم أنتم من ريحة الغالي ٠
و عند الظهيرة عادا خير الدين و سعد إلى البيت ،
فوجدا ضيوفا"عند و الدتهم ، ألقيا التحية و السلام وجلسا مندهشين ٠ عندما رأيا فتاتين ساحرتين متشابهتين و أمهم تجلس معهم ٠
دخلت أم خير الدين من المطبخ و هي تقول الغداء جاهز
رأت خير الدين و سعد جالسيين مع الضيوف مرتبكيين ٠
و بادرت قائلة لولديها هذه السيدة هدى زوجة خالكم رسلان و هاتين الشابتين فرح و مرح بناته ،
فقال سعد و خير الدين نعم حدثتنا عن خالي سبقا" و قلت لنا أن أخباره منقطعة منذ زمن بعيد ،
قالت الأم نعم يا بني سافر منذ كان شابا" صغير السن ولم نعرف عنه شيئا"، إلى أن أتت زوجة خالك و بنتيها اليوم لتخبرنا عنهم ٠
ثم تحدثت أم البنات هدى حدثني زوجي رسلان قبل وفاته بأيام عن أن له أخت شقيقة في بلده الأم
و أعطاني العنوان و قال لي إبحثي عنها و إبقي بجواها مع البنتين
و عندما تجديها أعطها ثلث ثروتي لها و لأولادها و الباقي لك و لأولادنا و هذه وصيته كتبها قبل وفاته و أصر علي أن أعطيك نسخة عنها ٠
و في الإسبوع القادم سيصلكم إشعار من المصرف بتحويل مبلغ ثلث الثروة إلى حسابكم بالمصرف القريب من بيتكم ٠
عمت الفرحة و السرور بين العائلتين و مضى شهرين على إقامة الضيوف في بيت أم خير الدين ،
بدى إعجاب خير الدين بمرح و إعجاب سعد بفرح ،
لاحظت أم الشباب أن ولدييها يستأنسان لبنات أخيها فرح و مرح و بدت بوادر الإعجاب بينهم ٠
في جلسة عائلية طلبت الأم من ولدييها أن تخطب بنتا أخيها لهما ، فوافقا الأخيين على طلبها ،
و ما كان منها إلا أن صارحت أم البنات هدى و خطبتهما لخير الدين و سعد ٠
إقترن خير الدين بمرح و سعد بفرح بعرس واحد مشترك
و أقيمت الأفراح في ديارهم سبع أيام بلياليها ٠
مضى عامين مرضت الأم مرضا" بالغا" على إثره دخلت إلى المشفى للمعالجة و بقيت خمسة أشهر و لكن يد القدر كان أكبر حيث توفاها الله و إنتقلت ألى جوار ربها مسلمة بقضاء الله وقدره ٠
دارت رحى الأيام و طوت السنين و الأعوام ٠
أصبح لخير الدين سبع أولاد و بنتان و لسعد ستة أولاد و بنت ، وكلهم أصبحوا رجالا" و إناثا" ناضجين ، و منهم من تزوج و منهم مازال عازبا" ٠
في يوم من الأيام بعد الإلحاح و الضغط من زوجة سعد بأن يطالب بإرثه من أبيه الذي أستولى عليه خير الدين بموجب توكيل من والدته ،
و عندما طالب سعد أخيه بورثه من والده ، رفض خير الدين أن يعطيه أي شيء من تركة أبيه و مازال الطمع يعشش في صدره وعقله و قال له ليس لك عندي شيء ، يكفيك ما أخذته من إرث خالك ٠
ألح سعد على طلبه عدة مرات و كان خير الدين يرفض رفضا" قاطعا"، طلب أخيه ٠
إشتدة الخصومة و العداوة بينهما ، و إنقطع حبل الود
و زاد الكره و الصغينة بينهما مما أثر سلبا" على علاقة أولادهما ٠
بعد و فاة خير الدين بسنتين لحقة سعد إلى دار الأخرة تاركين خلفهم حقدا" و غلا" مورثا" لأولادهم و أحفادهم لم ينتهي مادام الطمع و الجشع مورثا" للأجيال القادمة ٠
وفي النهاية أقول أن مال الدنيا بالدنيا و لا ينفع أحدا"
إلا عمله و تقواه و مخافة الله هذا هو رصيد الدنيا للآخره
تمت بعون الله و حفظه
عصام نايف عقل
بتوقيعي
22/6/2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق