الأربعاء، 10 أغسطس 2022

الاديب د/ زين العابدين فتح الله

 إليكم الجزء الأول من قصتي القصيرة بعنوان،

( إماء العصر )
ستظل محاولات التغيير الصحيح لعادات و معتقدات خاطئة في مجتمعاتنا العربية تواجه صعوبات بالغة.حتى أن المهتم بالمسيرة الإنسانية، يواجه رفضا و صدا عنيفا لمجرد تسليط الضوء عليها و محاولة ضحدها بالحج و بالشريعة و بالنصوص الدينية و التي لم تقر كنصوص لتتلى و تحفظ و لكنها بعيدة عن الواقع و التطبيق لدى البعض بحجة الأعراف والتقاليد التي تنتقص من كيان الإنسان وتحط من كرامته و هو الذي كرمه الخالق سبحانه.
و لما كانت الأسرة هي نواة المجتمع و مرآته التي تعكس مدى انسجامه وسيره في طريقه الصحيح في المسيرة الإنسانية ؛كان الزواج له الجانب الأكبر من اهتمام الأديان و علماء الدين و الاجتماع و العلوم الانسانية حتى يحفظ حق الزوجين في حياة زوجية سعيدة.
تبدأ أحداث القصة في إحدى عشائر البلاد العربية ، حيث يقتصر الزواج على أبناء و بنات العشيرة ولا يسمح لأبناء العشيرة أن يتزوج من عشيرة أخرى و كذلك لا يسمحوا بزواج بناتهم خارج العشيرة!!!
نشأت "خولة" في إحدى العشائر العربية لأسرة متوسطة الحال، بنت على قدر معقول من القبول شكلا،على خلق سامق قويم وعلى قد كبير من العلم والثقافة و الأدب،فقد تخرجت من الجامعة
و حصلت على شهادة في الآداب.
و بعد التخرج من الجامعة ،انتظرت "خولة " أن يتقدم لزواجها أحد ابناء عشيرتها عاما بعد عام ،
لكنها لم تحظ بأي منهم!!!
تمر الأيام و السنون و هي تترقب و تنتظر دون أن يتقدم لزواجها أحد.
وليس أمامها إلا الانتظار رهنا لقوانين العشيرة ،
فلمن تشكو حالها ؟!!
و كذا فليس لديها الحق في الزواج من رجل خارج العشيرة !
و كلما رأت قريناتها و زميلاتها في الجامعة و اللائي يقطن المدن و الحضر و لا تسري قوانين العشيرة أو العائلة عليهن، قد تزوجن و يحيين حياة سعيدة ، تندب حظها ،و تتحسر على حالها!!
فالزواج لديهن عرض و قبول كما شرعته الأديان.و الأهم من ذلك هي المصاهرة و اتساع دائرة التعارف و الأنساب و التقارب بين العائلات....أما هي فعليها الانتظار دون شكوى أو اعتراض!!
تمر سنوات العمر و لا جديد،حياة ،كئيبة، رتيبة مملة!
أ تقضي حياتها ك راهبة ؟ أو ك خادمة ؟
أ تنسى أنها أنثى و لها حق في اختيار شريك حياتها ؟
زوج يؤنسها و يمسح من عليها قسوة الزمن ،يحمل على كاهله مسؤولية حاجاتها المادية والمعنوية ،زوج يبادلها الحب و الود و التراحم. حياة سعيدة تحظى بالاحترام المتبادل.و تسمو رابطتها بوجود أطفال سواء كانوا بنات أو بنين ،وهم زينة الحياة.
لقد بدأ يدب اليأس في قلبها خاصة بعد أن دهمها العمر و بلغت منه مشارف سن اليأس ،إذ بلغت سن الخامسة و الثلاثون!!
و مما ضاعف شعورها باليأس أن زميلاتها اللائي تزوجن و رزقن بالأبناء قد أصبح أبنائهن في المراحل العليا من الجامعة ،بل و منهن من خطبت بناتهن !!
ظلت "خولة" تحيا بالأمل ولم ولن تفقده فشعورها كأنثى و أنها على قدر معقول من الجمال و زاده العلم و الخلق سموا،ظل حلم زواجها حيا في نفسها و هذا حقها ،فبدون الأمل تصبح الحياة كئيبة.
و يأتي اليوم الذي تقابل فيه"خولة" رجلا يكبرها بسنوات قليلة ،وسيم وقد لامس الشيب بعضا من شعره ،لكنه على قدر من الوجاهة إذ يعمل موظفا بإحدى الوزارات المرموقة،ذو دخل معتبر، و يتمتع بصحة جيدة. رجلا كان قد فقد زوجته منذ خمس سنوات.
كان السيد "إياد القاسم " يتناول كوبا من الشاي ،حين رأى "خولة"
نظر إليها ،وقورة، حيية فدب قلبه وشعر أنها من أنسب السيدات ليرتبط بها.
و بعد أن تعرفا، بادرها بسؤال طالبا منها ألا تتحرج.
لماذا لم تتزوجي حتى الآن ؟
شرحت له أعراف و قوانين الزواج لدى العشيرة
و العوائق التي تقف أمامها كي تتزوج من خارج العشيرة و التي هي إحدى ضحاياها!!
قال لها و أين رجال العشيرة منك؟!!
أ عميت أبصارهم ؟ لما لم يتقدم أحدهم للزواج منك ؟.......و أردف سائلا..
.... أ تقبلين الزواج مني ؟
قالت: من حيث القبول ... فلا بأس لكنها ستواجه رفضا بل و عقابا لا حد له إذا علمت العشيرة أنها تعرفت على رجل أجنبيا!!!
قال لها إن الأمر بسيط!
يمكن أن نرحل إلى إحدى الدول وخاصة بعد أن أحيل للتقاعد وحصل على مبالغ مالية لا بأس بها ،وأصبح حرا يستطيع السفر إلى أي دولة.
وافقت خولة على أن يتكتما الأمر حتى الرحيل!
فوافق "إياد القاسم" على أن يتصلا من حين لآخر بقنوات اتصال سرية إلى أن ياتي يوم الرحيل ..!!
وافقت خولة، لأنها لم تجد أفضل من هذه الطريقة للخلاص من نير و عبودية العشيرة!!!
انتظروا الجزء الثاني قريبا
للشاعر والاديب د/ زين العابدين فتح الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعر: محمد الدبلي الفاطمي

  ضاقتْ بما فَعَلوا قُلْ لي بِرَبّكَ هلْ ضاقتْ بنا السُّبُلُ أمِ العَقيدَةُ قدْ ضاقتْ بما فَعَلوا نَبْكي ونضْحَكُ والمأْساةُ قدْ كَبُرتْ واس...