الأربعاء، 13 يوليو 2022

ما السعادة؟. بقلم: ماهر اللطيف (تونس

 ما السعادة؟

كن جالسات كعادتهن في مجلسهن النسائي بمقر إحدى الجمعيات النسوية يناقشن مواضيع حياتية عديدة تخصهن بالأساس وتخص حياتهن في هذا المجتمع بصفة عامة، وكانت كل واحدة منهن تدلي بدلوها وفق رؤاها وتصوراتها ومراجعها ومعرفتها وتكوينها الأكاديمي والمعرفي وغيرها...
فسألت ميسم وهي أصغر عضوة وانشطهن على الإطلاق (تلميذة لم تتجاوز سن العقد ونصف، مولعة بالانشطة الجمعياتية والثقافية وغيرها) :
- ما السعادة سيدتي رئيسة الجمعية؟
- (مبتسمة ومتقبلة للسؤال بكل صدر رحب، وهي سيدة متقاعدة تجاوزت السبعين من عمرها) السعادة هي الإحساس بالمتعة والانبساط، الراحة ورضاء الضمير، فهي تطمئن القلب وتشرح الصدر وتريح البال.
- (مقاطعة بلهفة) من أين تنبع سيدتي سعاد؟
- (مبتسمة ككل الحاضرات) تنبع من القلب، وهي شعور ناتج عن عمل يحبه الإنسان، أو يكون ناتجا عن شيء قام به آخرون لشخص ما، فيجعله يحكم على حياته بأنها حياة جميلة ومستقرة وخالية من الآلام والضغوط
- (معارضة بشدة وتلقائية مفرطة أعجبت الحاضرات) على هذا الأساس فالسعادة في متناول الجميع وسهلة التحقيق سواء من طرفنا او من طرف غيرنا الذي يوفرها لنا؟
- (مساعدة الرئيسة السيدة نزيهة وهي تستعد للتقاعد من مهنة التعليم) لا ليست بهذه السهولة بنيتي، لا شيء يمكن الحصول عليه دون تعب وشقاء وجهاد، سقوط وقيام، بسمة ودمعة، فرح وحزن.... ،فكل شيءٍ نسبي كما تعلمين
- (السيدة سعاد مواصلة حديث السيدة نزيهة) فلا يمكنك معرفة السعادة وتذوق طعمها ما لم تعيشي الحزن وتكتوي بجراحه والامه
- (ميسم مقاطعة بصوت عال) لم أفهم
_ (مبتسمة) انصتي جيدا، كيف شعرت حين علمت بنجاحك الدراسي في آخر السنة الدراسية الفارطة؟
- (بكل لهفة وبراءة) لم تسعني الأرض من الفرح، فقبلت أبي وأمي واخوتي، ورقصت وفعلت كل شيء لاعرب عن مدى فرحي....
- (السيدة سعاد مقاطعة) يعني أنك كنت سعيدة (وميسم تومئ برأسها موافقة كلام الرئيسة)، وسبق وان اعلمتني بما أحسست به حين توفيت جدتك من الأم منذ أشهر (وعلامات الحزن والاسى تسيطر فجأة على ملامح ميسم وقد بدأت الدموع تنهمر من عينيها)
- لماذا ذكرتني بهذا المصاب الجلل وقد شرعت في التعافي من مخلفاته سيدتي؟ (صامتة لتمسح قطرات دموعها وتتنفس مليا وإحدى الحاضرات تحضنها وتقبل رأسها وأخرى تربت على فخذها) إنه شعور سيء للغاية لا اريد حتى تذكره
- (سعاد مقاطعة بلطف بعد أن تأسفت لميسم عما تسببت فيه لها من الم) يعني أنك حزنت بنيتي. طيب، ما الفرق بين الحزن والفرح؟
- (باندفاع كبير) كالفرق بين الأرض والسماء سيدتي
- (موافقة) يعني لو لم تجربي الحالتين لما عرفت الفرق بينهما. فالفرح هنا هو تمام السعادة، بل هو السعادة المطلقة
_ (سندس مقاطعة، وهي ثلاثينية العمر وعاملة بمصنع للمرطبات بالمدينة) ومن يعطينا السعادة؟
- (السيدة سعاد مشيرة بابهامها معربة عن اعجابها بهذا السؤال) السعادة لا تعطى، بل تفتك، تصنع، تخلق.... فميسم مثلا افتكفت السعادة وصنعتها لنفسها بنجاحها في الدراسة، وتفتكها حاليا (وميسم تشير برأسها موافقة كلام الرئيسة) بالاستمتاع بهذا الحديث والتعلم واخذ الدروس والعبر
- (مريم وهي طالبة جامعية لم تتجاوز العشرين من عمرها) السعادة حالة شعورية نبلغها بنجاح حين نعمل ونجتهد من أجل تحقيق شيء ما نرنو إلى بلوغه،وحين ندركه ندرك السعادة ونحلق عاليا في سماء الفرح وكأننا انسلخنا في تلك اللحظة عن هذا العالم المادي الكريه الممتلئ بالحزن والاسى والألم....
وبقين كذلك مدة من الزمن إلى أن حان وقت الفراق ليضربن موعدا جديدا للتلاقي وتناول مواضيع أخرى في قادم الأيام.
-----------------------------------------------------------------------------بقلم: ماهر اللطيف (تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الشاعرة : سعاد شهيد

  نص بعنوان / فوضى في أعماق الذاكرة حيث زاويتنا السرية مكان نعرفه فقط أنا و أنت نلوذ إليه لنسج الأمل هناك تأتيني كالحلم تبعثر دقات قلبي تعبث...