(في ذكرى بدرٍ الكُبرى)
شَعشَعَ النُّورُ في القِفارِ وَأَهدَى
دِفْأَهُ المُشتَهَى سَلاماً وَبَردَا
ياأَمانِيُّ زَغْرِدِيْ هَلَّ بَدرٌ
كُلُّ بَدرٍ مِنْ راحَتَيْهِ استَمَدَّا
تَسأَلُ اللَّهَ أَنْ تُرابِطَ جُنْدَا
لَيلَةٌ زَفَّها الزَّمانُ عَروسَاً
لِلَّيالِي تَزْدانُ تَاجَاً وَعِقدَا
أَيُّ بَدرٍ ضَوْءَ الشُّموسِ تَحَدَّى
وارتَدى الخَيْرَ والفَضائِلَ بُردَا
ياغَداةَ (القَلِيبِ) ضَمَّكِ قَلْبٌ
ذابَ شَوقَاً لِكُلِّ نُورٍ وَوَجْدَا
يَرشُفُ الحُبُّ مِنْكِ حُبَّاً فَيَسمُو
وَكَذا المَجدُ مِنْكِ يَرضَعُ مَجدَا
أَطرَقَ اللَّيْلُ خَاشِعَاً حِيْنَ نَاجَى
(أَحمَدٌ) رَبَّهُ وَكانَ اسْتَعَدَّا
رَبِّ ! إِنْ تَهْلِكِ العِصابَةُ هَذِيْ
لَنْ تَرَىَ الأَرضُ بَعدَنَا لَكَ عَبْدَا
رَبِّ ! هَبَّتِ عَواصِفُ الشِّركِ تَعوِيْ
فيْ دُروبيْ فَلا تَذَرنِيَ فَردَا
وَتَمَشَّى تَلَفُّتَاً بَيْنَ صَحبٍ
فَرَأَى فِيْ العُيونِ عَزْمَاً وَجِدَّا
كمْ سَرَت في شِفاهِهِمْ كَلماتٌ
فاضَ مِنْها الوَفاءُ عَهْدَاً وَوُدَّا
أَيُّها القَومُ ماتَرَونَ ؟ أَشِيْرُوا
إِنَّ أَمْرَاً مِنَ العَظائِمِ جَدَّا
هَبَّ سَعدٌ ؛ أَراكَ تَقْصِدُ قَومِي!
سَدِّدِ الرُّمْحَ تَلْقَنا لَكَ زَنْدَا
لا كَما قالَتِ اليَهودُ لِموسَى؛
أَنْتَ والرَّبُّ قَاتِلا أَوْ صُدَّا
فَعَسَى أَنْ تَقَرَّ عَيْنُكَ مِنَّا
حِيْنَ نَغْدو إِلى الكَرِيْهَةِ أُسْدَا
إِنجَلى مَعدِنٌ الرِّجالِ فَهَلِّلْ
ياصَفِيَّ الإِلهِ ذِكْرَاً وَحَمْدَا
واثْبُتِيْ ياضَراغِمَ الحَقِّ.. هَذَا
يَومُ عِزٍّ بِهِ الزَّمانُ استََجَدَّا
كُلُّ يَومٍ مِنْ خَلْفِهِ لَهُ عَبْدٌ
يَحتَذِيْهِ وَمِنْهُ يَطْلُبُ رِفْدَا
إِرجِعِيْ.. ياقُرَيْشُ وانْجِيْ بِمالٍ
وَرِجالٍ .....كَفاكِ تِيْهاً وعِنْدَا
أَتُطِيعِينَ مِنْ أَبِي الجَهْلِ رَأْيَاً؟
حَكَّمَ المَوتَ مَنْ يُحَكِّمُ وَغْدَا
ذاكَ خَبٌّ تَوَقَّدَ الشَّرُّ فِيْهِ
وَعُيونُ الحَقودِ تَنْظُرُ رُمْدَا
فَتَرى النُّورَ حِيْنَ يَسطَعُ نَارَاً
وَتَرى الخَبْطَ في الدَّياجِيَ رُشْدا
بِصَناديدِها قُرَيْشٌ تَباهَت
وَنَضَت سَيفَها لِتُفرِغَ حِقدَا
(عُتبَةٌ) ! (شَيبَةٌ) !ثُمَّ ذاكَ (وَلِيدٌ)!
كُلُّهُمْ قَامَ هَازِئَاً يَتَحَدَّى
وَيْحَها مِنْ حَمِيَّةٍ تَتَشَظَّى
وَيْلَها جاهِلِيَّةً تَتَعَدَّى
قُمْ لَها ياعَلِيُّ أَخْمِد لَظاهَا
وادْعُ لِلرَّوعِ (حَمزَةً) و(عُبَيْدَا)
لَمَعَت فِي غَيابَةِ الأُفْقِ رَايٌ
ذاكَ ( جِبريلُ) حَلَّ بَرقَاً وَرَعدَا
هَلِّلِي ياجَحافِلَ النُّورِ آنَت
لَحظَةٌ تَحصُدُ الضَّلالَةَ حَصدَا
وتَعالَت ! اللهُ أَكبَرُ ضَجَّت
كُلُّ بِيدٍ وَكُلُّ مَيْدَانَ أَصدَى
غَامَتِ الأَرضُ حِينَ ثارَت عَجاجَاً
ثُمَّ ماجَت كالبَحرِ جَزْرَاً وَمَدَّا
كَم سِهامٍ تَمُرُّ وَمْضَ شِهابٍ
وَنِصالٍ تَشُقُّ صَدرَاً وَلَحدَا
وَسُيوفٍ مِنَ الغُمودِ تَبَرَّت
وابْتَغَت في جَوانِحِ القَومِ غِمْدَا
هَكَذا الظُّلْمُ جَولَةٌ ثُمَّ يَهوِي
حِينَ يَشتَطُّ أَو يُجاوِزُ حَدَّا
وانجَلَتْ غَيمَةٌ فَجَلَّت رُؤوسَاً
كُدِّسَت في (القَلِيبِ) حُمْراً وَجُردَا
تِلكَ هامُ الضَّلالِ لاقَت رَدَاهَا
ولَكَمْ أَهْلَكَ الضَّلالُ وأَردَى
هَتَفَ القائِدُ المُظَفَّرُ ؛...حَمْدا
اَنجَزَ اللّهُ وَعدَهُ ثُمَّ حَمْدَا
ثُمَّ نادَى جُنودَ إِبلِيسَ صَرعَى:
هَلْ سِوى اللهِ يَصدُقُ اليومَ وَعدَا
عَجِبَ الصَّحبُ كَيفَ خاطَبَ مَوتَى؟
غَيرَ أَنَّ الأَمِينَ أَحسَنَ رَدَّا
؛ لَستُمو لِلخِطابِ أَسمَعَ مِنْهُمْ
عَرَفوا الحَقَّ حِينَ لاعِلمَ أَجْدَى
لَمْلَمَت خِزيَها قُرَيشُ وَوَلَّت
بَعدَ أنْ مَرَّغَت جَبِينَاً وَخَدَّا
وَهَوى حُلمُها وَلَمْ تُبقِ حِلْماً
تَمشي في ظِلِّهِ فَتَأْنَسُ رُشْدَا
أَنْتَ يا(بَدرُ) فَيصَلُ الحَقِّ فاشْمَخْ
في مَدَى الدَّهْرِ لَنْ تَرى لَكَ نِدَّا
كُلُّ نَصرٍ لِرايَةِ الحَقِّ ظِلٌّ
لَكَ والعَدلُ مُنذُ فَجرِكَ يَبْدَا
وُلِدَ المَجدُ في رِحابِكَ طِفْلَاً
بَلْ لَقَد كُنتَ لِلْفَضائِلِ مَهْدَا
شعر ؛ زياد الجزائري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق