دبيـبُ الاحـتراقِ..
أحاسيس: مصطفى الحاج حسين.
تعلمتُ لغةَ الموتىٰ
صرتُ أتحدثُ بها بطلاقةٍ
كلُّ ما عليكَ أن تتكلَّمَ
دونَ أنْ تحرِّكَ شفَتيكَ
ودونَ أنْ تفتحَ عينَيكَ
حاذرْ أن تُوقِظَ قلبِكَ
دَعْ أنفاسَكَ ثابتةً
اتركٰ نبضكَ يابساً
وعلى بسمتِـكَ
أن تغيبَ
وليكنْ صوتُكَ
مقطوعَ الحبالِ
ولا تقتربْ مِنَ الذكرياتِ
ولا تتلفّظْ بأسمـاءِ الأصدقـاءِ
وانْتَـبهْ
مِنْ أنْ يتسرَّبَ
منكَ حنينُـكَ
ابتعِـدْ
عنْ كلِّ ما يخصُّ
الوطنَ
وتنكَّرْ للحُـبِّ
إنْ طَـرَقَ قبـرَكَ
لا تنشغِلْ
بسحـْرِ عيونِ حبيبتِكَ
ولا تحنَّ لأيّ حضنٍ
أو قُـبلةٍ تُـلَـوّحُ لـكَ
وتحدَّثْ بكلِّ جُـرأةٍ
عنْ موتٍ ألَـمَّ بِـكَ
منذُ أنِ اغْترَبْـتَ
وتشرَّدْتَ
وصرتَ تبحـرُ في دمعِـكَ
وتحلقُ في قفصِ العَـراءِ
قُلْ ما يقولُهُ التُّـرابُ
إلى دمِـكَ
ما يثرثرُ بِـهِ العدمُ
مع رميمِ عظامِكَ
تحدّثْ مع السُّكونِ
أُصرخْ
مِلْءَ الأزلِ
واكْتبْ علىٰ جدرانِ الأبـدِ
سيورقُ موتي ذاتَ قيامةٍ
وأحاصرُ الوطنَ المشظَّىٰ
بعودتي
ولهفتي
ودبيبِ احْتراقي.*
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق